قهقهة كبيرة هي الحياة
تجتاحني منذ فترة الرغبة في كتابة مقالات ساخرة. أشارك محمد الماغوط الرأي
بأنّ الإنسان "الجديّ مريض و فيه خلل". لذا لا أعتب على الجادّين الجامدين،
أشفق عليهم لا أكثر. يكفيهم عذاباً أنّهم اجتازوا الدنيا مأخوذين ببريق
أصنامهم و زيف أهميّتهم، محرومين من متع جميلة، و من سعادة في متناول
الجميع، كالقدرة على المزح و السخرية.هل ثمّة شقاء أكبر من أن يكون الجمال
حولك و لا تراه؟ كما في قصّة تلك المرأة التي استوقفها متسوّل أعمى و هي في
أسواق غرناطة فراح يلحّ عليها بالطلب، فنهرته صارخة " و لماذا تريدني أن
أتصدّق عليك؟" فأجابها آخر "ألا يكفيه سبباً للشفقة أنّه أعمى في غرناطة!".
كذلك هؤلاء الذي قاصصهم الله بأن اخذ منهم الروح المرحة بعد أن تحوّلوا
إلى أصنام بشرية. الحياة قهقهة كبيرة لا تستحقّ أن تأخذها بكلّ مظاهر
الجدّية و الوجاهة. و قد جاء في حكمة صينيّة تمجّد الضحك " إنّه يشبه
أحياناً الصراخ و أحياناً يشبه البكاء أو الدموع أو الألم، لكن لا تُخطئ
أيّها الرجل الحكيم، الحياة ليست سوى ضحكة طويلة، أمّا ما عداها فليس سوى
مظاهر و غشّ!".
إن كنتُ أتفهّم حاجة البعض لقناع الجدّية بحكم وظيفة فإنّني لا أفهم كاتباً
يأخذ نفسه مأخذ الجدّ طوال عمره مترفّعاً عن الكتابة الساخرة، اعتقاداً
منه أنّها إقلال من قيمته و تصغير له. و أنّه مطالب بالحفاظ على بريق
تمثاله، في مجتمع ما زال يعيش على الوثنيّة الثقافيّة.
يعتقد بعض المرضى النفسانيّين من الكتّاب و المثقفين أنّ فمه يجب ألّا
يُفتح إلّا لمناقشة قضيّة، أو لتلقينك نظريّة. لذا لم تسمع له يوماً ضحكة
مدوّية في مقال أو كتاب، حتى لنكاد تستعين بحبوب لمنع الكآبة لقراءته.
و لإنصاف هؤلاء، نقول أنّ السخرية في الكتابة فنّ ليس في متناول كلّ
الأقلام و لا كلّ النفوس. ذلك أنّ السخرية هي الوجه الآخر للوجع الإنساني
إن لم تكن ذروته.
بالسخرية الذكيّة، و التهكّم الراقي تقاس موهبة الكبار. لذا ما زلتُ أحلم
بكتابة رواية، يحكي فيها الراوي أكثر فجائعه ألماً، و أفظع خساراته وجعاً
بقدر كبير من الاستخفاف. من دون أن يذرف دمعة و كأنّه يتحدّث عن أمور حدثت
لغيره.
أختم هذا المقال بمقولات ساخرة للصديق الكبير الدكتور غازي القصيبي وردت في
كتاب "100 من أقوالي غير المأثورة" الذي أهداني إيّاه قبل سنوات:
• القمل و النقّاد و الحلاقّون يعيشون من رؤوس الآخرين.
• الغرور الساخر أكثر نزاهة من التواضع الكاذب.
• الكرم العربي ظاهرة غذائيّة.
• لا أستطيع منعك من كرهي و لكنّني.. أرجوك: لا تمنحه اسماً أجمل.
• إذا تعرّفت على شاعر خارج ديوانه فلا تلومنّ إلّا نفسك.
• "الخيل و الليل و البيداء تعرفني".. كما تعرف بقيّة قطّاع الطرق.
من المقالات التي نشرت في زهرة الخليج
تجتاحني منذ فترة الرغبة في كتابة مقالات ساخرة. أشارك محمد الماغوط الرأي
بأنّ الإنسان "الجديّ مريض و فيه خلل". لذا لا أعتب على الجادّين الجامدين،
أشفق عليهم لا أكثر. يكفيهم عذاباً أنّهم اجتازوا الدنيا مأخوذين ببريق
أصنامهم و زيف أهميّتهم، محرومين من متع جميلة، و من سعادة في متناول
الجميع، كالقدرة على المزح و السخرية.هل ثمّة شقاء أكبر من أن يكون الجمال
حولك و لا تراه؟ كما في قصّة تلك المرأة التي استوقفها متسوّل أعمى و هي في
أسواق غرناطة فراح يلحّ عليها بالطلب، فنهرته صارخة " و لماذا تريدني أن
أتصدّق عليك؟" فأجابها آخر "ألا يكفيه سبباً للشفقة أنّه أعمى في غرناطة!".
كذلك هؤلاء الذي قاصصهم الله بأن اخذ منهم الروح المرحة بعد أن تحوّلوا
إلى أصنام بشرية. الحياة قهقهة كبيرة لا تستحقّ أن تأخذها بكلّ مظاهر
الجدّية و الوجاهة. و قد جاء في حكمة صينيّة تمجّد الضحك " إنّه يشبه
أحياناً الصراخ و أحياناً يشبه البكاء أو الدموع أو الألم، لكن لا تُخطئ
أيّها الرجل الحكيم، الحياة ليست سوى ضحكة طويلة، أمّا ما عداها فليس سوى
مظاهر و غشّ!".
إن كنتُ أتفهّم حاجة البعض لقناع الجدّية بحكم وظيفة فإنّني لا أفهم كاتباً
يأخذ نفسه مأخذ الجدّ طوال عمره مترفّعاً عن الكتابة الساخرة، اعتقاداً
منه أنّها إقلال من قيمته و تصغير له. و أنّه مطالب بالحفاظ على بريق
تمثاله، في مجتمع ما زال يعيش على الوثنيّة الثقافيّة.
يعتقد بعض المرضى النفسانيّين من الكتّاب و المثقفين أنّ فمه يجب ألّا
يُفتح إلّا لمناقشة قضيّة، أو لتلقينك نظريّة. لذا لم تسمع له يوماً ضحكة
مدوّية في مقال أو كتاب، حتى لنكاد تستعين بحبوب لمنع الكآبة لقراءته.
و لإنصاف هؤلاء، نقول أنّ السخرية في الكتابة فنّ ليس في متناول كلّ
الأقلام و لا كلّ النفوس. ذلك أنّ السخرية هي الوجه الآخر للوجع الإنساني
إن لم تكن ذروته.
بالسخرية الذكيّة، و التهكّم الراقي تقاس موهبة الكبار. لذا ما زلتُ أحلم
بكتابة رواية، يحكي فيها الراوي أكثر فجائعه ألماً، و أفظع خساراته وجعاً
بقدر كبير من الاستخفاف. من دون أن يذرف دمعة و كأنّه يتحدّث عن أمور حدثت
لغيره.
أختم هذا المقال بمقولات ساخرة للصديق الكبير الدكتور غازي القصيبي وردت في
كتاب "100 من أقوالي غير المأثورة" الذي أهداني إيّاه قبل سنوات:
• القمل و النقّاد و الحلاقّون يعيشون من رؤوس الآخرين.
• الغرور الساخر أكثر نزاهة من التواضع الكاذب.
• الكرم العربي ظاهرة غذائيّة.
• لا أستطيع منعك من كرهي و لكنّني.. أرجوك: لا تمنحه اسماً أجمل.
• إذا تعرّفت على شاعر خارج ديوانه فلا تلومنّ إلّا نفسك.
• "الخيل و الليل و البيداء تعرفني".. كما تعرف بقيّة قطّاع الطرق.
من المقالات التي نشرت في زهرة الخليج
الخميس نوفمبر 04, 2010 3:41 am من طرف همسة حنين
» أحاديث صحيح البخارى ( الجزء الرابع ) حجازى رشاد المحامى
الأربعاء أغسطس 11, 2010 7:58 am من طرف همسة حنين
» فاروق جويدة .. في عينيك عنوانى
الأربعاء أغسطس 11, 2010 7:43 am من طرف همسة حنين
» قصة الورزاء الثلاثة
الأربعاء أغسطس 11, 2010 5:51 am من طرف نسمة أمل
» أحاديث صحيح البخارى ( الجزء العاشر ) حجازى رشاد المحامى
الإثنين أغسطس 09, 2010 11:15 am من طرف حجازى رشاد المحامى
» أحاديث صحيح البخارى ( الجزء التاسع ) حجازى رشاد المحامى
الإثنين أغسطس 09, 2010 11:03 am من طرف حجازى رشاد المحامى
» أحاديث صحيح البخارى ( الجزء الثامن ) حجازى رشاد المحامى
الإثنين أغسطس 09, 2010 10:13 am من طرف حجازى رشاد المحامى
» أحاديث صحيح البخارى ( الجزء السابع ) حجازى رشاد المحامى
الإثنين أغسطس 09, 2010 9:27 am من طرف حجازى رشاد المحامى
» أحاديث صحيح البخارى ( الجزء السادس ) حجازى رشاد المحامى
الإثنين أغسطس 09, 2010 9:13 am من طرف حجازى رشاد المحامى