عاش الحب ___ احلام مستغانمي
من عجائب استطلاعات الرأي، أنّ أغلبيّة النساء الأميركيات يفضلن المال
على الصحة و الحياة الأسرية الطيبة، حتى إن 40% من النساء محل الدراسة،
وضعن المال على قدم المساواة مع الحب.
و لأنّ الذي يعتقد أنّ المال هو كل شيء، في إمكانه أن يفعل أي شيء للحصول
عليه، فإنّ الاستطلاع مخيف في ما يشي به من انهيارات قيميّة ليست حكرا على
أميركا.
معظم نساء هذا العصر، يعتقدون أن الحب و السعادة و العافية، ليست سوى شوارع
فرعية في جادة المال، الذي من دون سلوكه لا يمكن للمرء أن يصل إلى مبتغاه.
غير أنّ الحياة تكذّب هذا الاعتقاد. فأغلبية اللائي شغلن العالم بتعاسة
أقدارهن، ما كان ينقصهن المال و لا الجمال و لا الجاه، و بعضهن انتحرن بسبب
نقص مزمن في الحب، و كنّ جاهزات للتخلّي عن كلّ ما يملكن، مقابل حب صادق
لرجل واحد.
فعلى ثرائهن، أو بسببه، كنّ يعانين من فقر عاطفي أفسد عليهن عيشهن. و قد
صدق صباح فخري، حين غنّى "عيشة لا حبّ فيها جدول لا ماء فيه"، و لم يقل "
عيشة لا مال فيها جدول لا ماء فيه".
إحدى اللائي كان في ثرائهن مصيبتهن، كريستينا أوناسيس، الوريثة الوحيدة
لأرسطو طاليس أوناسيس، إمبراطور ناقلات النفط. فبعد مغامرات عاطفية فاشلة،
تزوّجت أيام البؤس السوفياتي بروسي، و لكن كما تقول أمّي " أنا رضيت بالهمّ
و الهمّ ما رضاش بيّ". فالرجل الذي ما كان يختلف عن ملايين الرجال الروس، و
لا كانت تميّزه وسامة ولا ثقافة و لا ثروة، لم يحمد الله على زواجه بإحدى
أثرى نساء العالم، و راح لضخامة صدرها يصفها بالبقرة و يعيّرها بشكلها برغم
كونها ما كانت سمينة و لا قبيحة، حتى أوصلها قهرها إلى الإنتحار، تاركة
بدورها ثروتها لطفلتها الوحيدة، التي عاشت طفولتها و فتوّتها تحت الحراسة
المشدّدة، محرومة من صباها ككلّ بنات جيلها، خشية أن تتعرّض للخطف، بعد أن
أصبحت الوريثة الوحيدة لثروة جدّها.
و مال أوناسيس لم يمنع عشيقته، مغنية الأوبرا الشهيرة، ماريا كالاس، من
الموت برداً لحظة صقيع عاطفي. هي التي غنّت "أيّها السيّد الإغريقي، اصنع
مني عباءة لكتفيك"، خلعها كما يخلع الأثرياء أحذيتهم عند مدخل اليخت، و
تخلّى عنها لأجل عيون جاكلين كينيدي، فقد كانت أكثر سطوة و جاهاً، و
لسطوتها و جاهها انتهت بدورها وحيدة بائسة، تطاردها لعنة آل كنيدي و
أوناسيس معاً.
في مسلسل المآسي المتوارثة مع الثروات تأتي قصّة ابنة شاه إيران التي بسبب
إحباطها الدائم أنهت حياتها إثر تناولها كميات كبيرة من العقاقير التي كانت
تعيش عليها.
أما الزوجة الأولى لأبيها، الأميرة ثريا، فقد عثر عليها ميتة في شقتها
الباريسية، و كان الشاه قد طلّقها في الخمسينات، رغم حبه لها، لعدم تمكّنها
من الإنجاب. و ثريّا التي كانت إمبراطورة و أصبح لقبها "الأميرة الحزينة"،
لقباً أطلقته عليها الصحافة، و شاركتها فيه مارغريت، أخت الملكة أليزابيث،
التي ماتت أيضاً بعد عمر من الخيبات العاطفيّة المتتالية، اختصرت مأساة
الأميرات الحزينات (و هنّ كثر)، في مذكراتها، تحت عنوان "قصر المزلات"، أو
"قصر المآسي". و قد ألهم حزنها النبيل أغنية للمغنية الفرنسية ماريا بول
بيل بعنوان "أريد البكاء مثل ثريا" و من كلماتها "أريد البكاء مثل
الثريا.. أريد البكاء مثل أميرة.. أريد البكاء بنبل".
و تضيق الصفحة بأسماء النساء الثريات و الجميلات، مثل الأميرة ديانا،
اللائي متن في حوادث الحبّ، و هنّ في طريقهن إلى عشق مستحيل. تماما كمارلين
مونرو، المرأة التي غيّرت درجة حرارة الكرة الأرضيّة، أيام الحرب الباردة،
عندما أطلّت بمقاييسها الخرافيّة على شاشة هوليوود، لكنّها لم تجد رجلاً
واحداً يغطي عريها الأخير، الذي وجدت فيه ميّتة، و هي تحلم بالرئيس كنيدي. و
كان زوجها الكاتب آرثر ميلر قد قال عنها، إنّه لم يعرف إنساناً أكثر حزناً
منها. كلام ينطبق أيضا على الفاتنة رومي شنايدر، و الايطالية الجميلة
داليدا، فكلاهما انتحرتا احتجاجاً على حياة وهبتهما كل شيء.. عدا الحبّ.
أيّ غباء أن ينسى المرء نعمة الحب، و يحسد الأثرياء على ما بلاهم به الله
من ثراء. و قد صدق أبو تمام إذ قال:
" قد ينعم الله بالبلوى و إن عظمت و يبتلي الله بعض القوم
بالنّعم".ـ
من مقالات زهرة الخليج
من عجائب استطلاعات الرأي، أنّ أغلبيّة النساء الأميركيات يفضلن المال
على الصحة و الحياة الأسرية الطيبة، حتى إن 40% من النساء محل الدراسة،
وضعن المال على قدم المساواة مع الحب.
و لأنّ الذي يعتقد أنّ المال هو كل شيء، في إمكانه أن يفعل أي شيء للحصول
عليه، فإنّ الاستطلاع مخيف في ما يشي به من انهيارات قيميّة ليست حكرا على
أميركا.
معظم نساء هذا العصر، يعتقدون أن الحب و السعادة و العافية، ليست سوى شوارع
فرعية في جادة المال، الذي من دون سلوكه لا يمكن للمرء أن يصل إلى مبتغاه.
غير أنّ الحياة تكذّب هذا الاعتقاد. فأغلبية اللائي شغلن العالم بتعاسة
أقدارهن، ما كان ينقصهن المال و لا الجمال و لا الجاه، و بعضهن انتحرن بسبب
نقص مزمن في الحب، و كنّ جاهزات للتخلّي عن كلّ ما يملكن، مقابل حب صادق
لرجل واحد.
فعلى ثرائهن، أو بسببه، كنّ يعانين من فقر عاطفي أفسد عليهن عيشهن. و قد
صدق صباح فخري، حين غنّى "عيشة لا حبّ فيها جدول لا ماء فيه"، و لم يقل "
عيشة لا مال فيها جدول لا ماء فيه".
إحدى اللائي كان في ثرائهن مصيبتهن، كريستينا أوناسيس، الوريثة الوحيدة
لأرسطو طاليس أوناسيس، إمبراطور ناقلات النفط. فبعد مغامرات عاطفية فاشلة،
تزوّجت أيام البؤس السوفياتي بروسي، و لكن كما تقول أمّي " أنا رضيت بالهمّ
و الهمّ ما رضاش بيّ". فالرجل الذي ما كان يختلف عن ملايين الرجال الروس، و
لا كانت تميّزه وسامة ولا ثقافة و لا ثروة، لم يحمد الله على زواجه بإحدى
أثرى نساء العالم، و راح لضخامة صدرها يصفها بالبقرة و يعيّرها بشكلها برغم
كونها ما كانت سمينة و لا قبيحة، حتى أوصلها قهرها إلى الإنتحار، تاركة
بدورها ثروتها لطفلتها الوحيدة، التي عاشت طفولتها و فتوّتها تحت الحراسة
المشدّدة، محرومة من صباها ككلّ بنات جيلها، خشية أن تتعرّض للخطف، بعد أن
أصبحت الوريثة الوحيدة لثروة جدّها.
و مال أوناسيس لم يمنع عشيقته، مغنية الأوبرا الشهيرة، ماريا كالاس، من
الموت برداً لحظة صقيع عاطفي. هي التي غنّت "أيّها السيّد الإغريقي، اصنع
مني عباءة لكتفيك"، خلعها كما يخلع الأثرياء أحذيتهم عند مدخل اليخت، و
تخلّى عنها لأجل عيون جاكلين كينيدي، فقد كانت أكثر سطوة و جاهاً، و
لسطوتها و جاهها انتهت بدورها وحيدة بائسة، تطاردها لعنة آل كنيدي و
أوناسيس معاً.
في مسلسل المآسي المتوارثة مع الثروات تأتي قصّة ابنة شاه إيران التي بسبب
إحباطها الدائم أنهت حياتها إثر تناولها كميات كبيرة من العقاقير التي كانت
تعيش عليها.
أما الزوجة الأولى لأبيها، الأميرة ثريا، فقد عثر عليها ميتة في شقتها
الباريسية، و كان الشاه قد طلّقها في الخمسينات، رغم حبه لها، لعدم تمكّنها
من الإنجاب. و ثريّا التي كانت إمبراطورة و أصبح لقبها "الأميرة الحزينة"،
لقباً أطلقته عليها الصحافة، و شاركتها فيه مارغريت، أخت الملكة أليزابيث،
التي ماتت أيضاً بعد عمر من الخيبات العاطفيّة المتتالية، اختصرت مأساة
الأميرات الحزينات (و هنّ كثر)، في مذكراتها، تحت عنوان "قصر المزلات"، أو
"قصر المآسي". و قد ألهم حزنها النبيل أغنية للمغنية الفرنسية ماريا بول
بيل بعنوان "أريد البكاء مثل ثريا" و من كلماتها "أريد البكاء مثل
الثريا.. أريد البكاء مثل أميرة.. أريد البكاء بنبل".
و تضيق الصفحة بأسماء النساء الثريات و الجميلات، مثل الأميرة ديانا،
اللائي متن في حوادث الحبّ، و هنّ في طريقهن إلى عشق مستحيل. تماما كمارلين
مونرو، المرأة التي غيّرت درجة حرارة الكرة الأرضيّة، أيام الحرب الباردة،
عندما أطلّت بمقاييسها الخرافيّة على شاشة هوليوود، لكنّها لم تجد رجلاً
واحداً يغطي عريها الأخير، الذي وجدت فيه ميّتة، و هي تحلم بالرئيس كنيدي. و
كان زوجها الكاتب آرثر ميلر قد قال عنها، إنّه لم يعرف إنساناً أكثر حزناً
منها. كلام ينطبق أيضا على الفاتنة رومي شنايدر، و الايطالية الجميلة
داليدا، فكلاهما انتحرتا احتجاجاً على حياة وهبتهما كل شيء.. عدا الحبّ.
أيّ غباء أن ينسى المرء نعمة الحب، و يحسد الأثرياء على ما بلاهم به الله
من ثراء. و قد صدق أبو تمام إذ قال:
" قد ينعم الله بالبلوى و إن عظمت و يبتلي الله بعض القوم
بالنّعم".ـ
من مقالات زهرة الخليج
الخميس نوفمبر 04, 2010 3:41 am من طرف همسة حنين
» أحاديث صحيح البخارى ( الجزء الرابع ) حجازى رشاد المحامى
الأربعاء أغسطس 11, 2010 7:58 am من طرف همسة حنين
» فاروق جويدة .. في عينيك عنوانى
الأربعاء أغسطس 11, 2010 7:43 am من طرف همسة حنين
» قصة الورزاء الثلاثة
الأربعاء أغسطس 11, 2010 5:51 am من طرف نسمة أمل
» أحاديث صحيح البخارى ( الجزء العاشر ) حجازى رشاد المحامى
الإثنين أغسطس 09, 2010 11:15 am من طرف حجازى رشاد المحامى
» أحاديث صحيح البخارى ( الجزء التاسع ) حجازى رشاد المحامى
الإثنين أغسطس 09, 2010 11:03 am من طرف حجازى رشاد المحامى
» أحاديث صحيح البخارى ( الجزء الثامن ) حجازى رشاد المحامى
الإثنين أغسطس 09, 2010 10:13 am من طرف حجازى رشاد المحامى
» أحاديث صحيح البخارى ( الجزء السابع ) حجازى رشاد المحامى
الإثنين أغسطس 09, 2010 9:27 am من طرف حجازى رشاد المحامى
» أحاديث صحيح البخارى ( الجزء السادس ) حجازى رشاد المحامى
الإثنين أغسطس 09, 2010 9:13 am من طرف حجازى رشاد المحامى